Wednesday, June 20, 2007

من هو؟

لقد كان فناناً..وكان صادقاً ..وكان فريداً من نوعه ...وللأسف لم تنتشر فلسفته لان كتبه أحرقت بأمر من الدولة في وقته ..وقد عاش في القرن السابع عشر في فرنسا ..انه فيلسوف وأديب وفنان ..انه لايعتذر أبداً عن شيء مما فعل ...ولا يحب من يعتذر له ...لكنه كان حريصاً طوال حياته أن يعبر عن كل مايحس ويجول بخاطره ..وان يصور كل مايدور في رأسه ..وكان شاذاً جنسياً ..ويعترف بذلك في كتبه ...لكن ماهو معنى الشذوذ عنده ....؟؟!!معنى الشذوذ هو إشباع كل الرغبات الحسية دون تفرقة ..ودون ضابط ..ودون تقيد بأي أخلاق أو أي دين ...انه يريد أن يستجيب للطبيعة ...والطبيعة مجرمة قاسية ..وهو الآخر مجرم وقاسي ..وهو لايرى شيئاً أصفى من الألم ...ولا شيئاً اعرق من العذاب ...وهو مع ذلك يريد أن يجعل من عذابه فلسفه ..ومن آلامه فناً..وهو يدافع عن ذلك بكل مايملك من ذكاء وخيال وقوة تعبير وصدق ..
كانوا يسمونه أول أنبياء السرياليزم أو المذهب ( فوق الواقعي ) ويكفي أن تقرا إحدى رواياته ..لتجد نفسك في عالم آخر غريب ..عالم من الزجاج ومن العراة ومن العرق والصراخ ..عالم بلادين... ولا قيود... بلا منطق... ولكنه غرائز صارخة وأحلام وأوهام مشبوبة ..ووراء كل هذه الصور المتلاطمة والمتلاصقة ذكاءٌ نافذ وخيال مجنون ..انه شخص يعيش بغير زمانه ..شخص جعل لنفسه.. ولفكره.. ولروحه زماناً ومكاناً وحياةً أخرى غير التي نعرف ..انه مجنون ..بل عاقل ..بل فنان ...لا اعلم ماذا أطلق عليه ..انه إنسان غير عادي ..!!وكثيراً مايتحدث بهدوء وبرودة لاتجعل الزبدة تذوب في فمه ..ولكن كثيراً ماكان يثور على نفسه وعلى الناس ...ويلعن نفسه.. ويلعن الناس معاً...فكان يقول " هؤلاء الناس ...هؤلاء السفلة ...من الخطر أن تحبهم ..ومن الجنون أن تكلمهم "وكان يقول " كم مرة حاولت أن اقبض على الشمس بيدي ..لأبعدها عن هذا العالم ..وكم مرة حاولت أن اجذبها واحرق بها هذا العالم ..!"ويقول أيضاً .."ألا ليت هذا العالم يكتوي بنار الشمس ...فانه عالم الكذابين والمنافقين.... ورجال الدين والقضاء ..!!"ثم يتحدث بلسان التاريخ .." إنني متطرف في كل شيء ..وصاحب خيال مجنون ..ومارق إلى حد التهوس ..إنني هكذا ..فاقتلني ..أو خذني كما أنا ...فأنني لن أتغير ...لقد صورت الرذيلة في أبشع صورها ...لقد جعلتها كريمة أمام الناس ..ولا شيء يجلو الفضيلة ..إلا قبح الرذيلة ..ولاشيء يثير الشفقة إلا انتصار الشر على الخير ...هذا هو أنا ..ولن أتغير ...ولن اعتذر عن شيء..!!"أما متى دخل التاريخ بصورة صارخة ..فقد كان ذلك في يوم عيد الفصح ..عندما كان يسير أمام إحدى الكنائس ..فرأى احد النساء ..متسوله وأرمله ..واستدرجها إلى بيته ...وفي البيت جعلها تنزع ملابسها بالتهديد والوعيد ....ثم راح يضربها بالسياط ..ذات العقد.. حتى سالت الدماء منها ..وجعل يلقي عليها الشمع الساخن حتى سقطت مغشياً عليها ....ثم تركها ...ونهضت المرأة ..وهربت إلى الشارع عارية ..وأخبرت السلطات عنه ..لكنه مالبث أن خرج من هذه التهمة ..بعد أن تنازلت المرأة مقابل مبلغ من المال ...!!
ألف كتابه ( 120 يوما في مدينة سادوم ) وهو في السجن ..ومدينة سادوم هذه هي مدينة قوم لوط ....والكتاب هو مقدمة ومشروع لكتاب كبير ذو أربعة أجزاء ...وكتب هذه المقدمة على ورقه واحده ..وأعطاها لزوجته عندما زارته ...وظل سراً ..ولم ينشر إلى بعد أكثر من مائه عام ..وهو يحكي في هذا الكتاب قصة لستة وثلاثين رجلا وأمراه قضوا أربعة أشهر مع بعض وجرت بينهم حوادث جنسية شاذة ...وأربعة نسوة فقط هن من يروين هذه الحوادث ويتكلم بلسانهن.....ويعتبر هذا الكتاب أول تبويب علمي للشذوذ في العالم فقد ذكر فيه أكثر من 600 وضعية للشذوذ الجنسي
كان يقول:" أنني لا أريد إلا شيئاً واحداً هو أن أكون أول من يواجه الناس بما يخافون بل مايريدون ..ولكنهم يجبنون عن تحقيقه ..إن الطبيعة ليست إلا حيواناً مفترساً ...بل أن هناك شيطاناً عبقرياً يدير هذا الكون ..وأنا أتمثل به ..فانا الأخر قادر على الخلق "لقد هرب هو وخادمه من حكم الإعدام حرقاً ....انه لم يمت حرقاً ..لكن كتبه وأدبه ..ومؤلفاته أحرقت ...وكان يعترف بأنه هو الذي كتب كتبه وشطحاته ..بل ويقول أيضاً : لم افعل كل شيء ذكرته في قصصي أو كتبي ..وإنما تمنيت أن أحقق الكثير منها ...!!ولم ينس كلمة القسيس المنافق وهو يقول له " اسمع ياولدي كن فاضلاً أمام الناس...واقتل كل يوم طفلاً رضيعاً في بيتك ..هل تصدق إنني أدعو إلى ملكوت الرب كل صباح ومساء ..ولكنني اسهر مع عشيقتي حتى الفجر ..وأنا كما ترى قسيس " لم ينس هذه العبارة أبداً ..فقد كان كالقسيس تماما ..لكن أمام الناس ..لم يتوارى كالمنافقين ..وقد أدرك أن رجال الكنيسة دجالون محتالون ..فثار عليهم ..وثار على كل الأديان وأعلن الإلحاد والشذوذ ...وذهب إلى كبير القساوسة (البابا) ودخل عليه أمام تلامذته وجمع من الناس ..وقال : سيدي البابا هل تستطيع أن تدلني على الآية الكريمة التي تعيش بمقتضاها الآن ...؟؟..إن المسيحية دعوة إلى الزهد والتقشف ...بل إنها تعادي الأغنياء....فهي تقول إن السماء لايدخلها غني واحد ...وكان المسيح فقيراً ..وكان أتباعه فقراء ...أما أنت فتعيش في رخاء وابهه ..!!...وأريد أن اعرف الآية التي تنص على هذه الأبهة ..؟؟ أنت أمام الناس ظل الله على الأرض ..ولكنك في بيتك هنا ظل الشيطان على الأرض ..ثم استدار وخرج ولم يدخل كنيسة مرة أخرى ..!"..ودخل التاريخ من اوسع ابواب الفضائح ...وكانت الابواب حديدة ضيقة ..ووضعت القيود الحديدية في يديه ...وبقي في ظلام السجون ورطوبتها وفي الوحده والفقر اكثر من عشرين عاماً ..وفي السجن كتب اروع مقالاته ورواياته وقصصه ومسرحياته .ادخلوه بعد ماخرج من السجن مستشفى المجانين....وكان مديره رجل طيب ..علم بمأساته ففتح له مسرح المستشفى ....وبدأ يؤلف المسرحيات ..ويمثل هو والمجانيين بالمسرح ..لقد عاش مجنوناً بين العقلاء ..ومات عاقلاً ين المجانين ..!
من هو؟

1 comment:

kareem azmy said...

اهلا احمد
انا طبعا مش كنت اعرف الشخصية دي تبقى مين
بس فعلا شدني قوي اللي انت كتبته عنها
علشان كده بحثت عنه لحد ما عرفت مين صاحب الشخصية

هو طبعا
الأديب الفرنسي المركيز دي ساد
و اللي اشتقت من اسمه السادية الجنسية

المهم اتمني التواصل
انا مش عارف انت هجرت مدونتك و لا ايه
بس اتمنني تكون بخير