Tuesday, October 6, 2015

كلمه من ثلاث حروف

 


امتزج شعوري بالسعاده لمغادرة الوطن ببعض الضيق ... فالوقوف بطابور وزن الامتعه معاناه حقيقيه ... ليست المعاناه في طول الوقت ولكنها في مشاهدة بني وطني اثناء ضربهم عرض الحائط بكل عرف او احترام للنظام ... بطبيعتي الهادئه المحبه للانتظار وقفت في مكاني علي امل ان تنتظم العمليه او ان يبدي البعض ممن يرتدون الملابس الغاليه ويظهر عليهم انتمائهم للطبقه الثريه احترام للنظام ... ولكن هذا لم يحدث فقد وجدت ان هؤلاء هم من اخل في الاصل بالنظام وهم لا يختلفون كثيرا عن اهل الاقاليم اللذين لا ينفكون عن اظهار خليط الفهلوه واللؤم المعجون بطين الارض ... وقفت في مكاني وانا اشاهد وابتسم في قرارة نفسي لهذا الغباء والانانيه المستقره في العقول مع اختلاف الطبقه والاصل والظروف ... واثناء كل هذا مرت الي جواري فتاه عشرينيه مثيره ... توقف الزمن للحظه .....  وتجمدت ملامح جميع من في المنطقه حولها وجحظت العيون رجالا ونساء حتي ان عطرها النفاذ بدل رائحه المطار باكمله.
للمره الاولي لم اغضب لتجاوز احدا النظام .. علي الاقل فقد حظيت ببعض المتعه اللتي قد تخفف الم الانتظار ... انهت اجراءتها وغادرت مع اعادة مشهد توقف الزمن وانتشار اريج العطر ... وبعد بضعة دقائق انهيت انا اجراءاتي وتوجهت الي قسم المغادره وختم الخروج .
عندما تسافر مرات كافيه من او الي مصر تدرك اهمية وجود قلم ... فاستمارة الخروج او الدخول اجراء روتيني مقدس .. ولا يوجد باي مطار بمصر اقلام للخدمه العامه ... كذلك من طبع المصريين عدم المساعده او اقراض شيء عملا بالمثلا القائل "السلف تلف والرد خساره" ... وهنا انا ذا مستعد .. ومعي قلمي .. عبأت الاستماره ووقفت بالصف .. واذا فجاة اشم اريج عطرها بقوه .. للحظه خيل لي انني استرجع تلك الرائحه من الذاكره ... لكن لا انها قريبه جدا ... بحركه لا اراديه نظرت خلفي لاجدها تقف ورائي ... انها مثيرة جدا واجمل مما رايته منها سابقا بشعرها المنسدل الناعم وصدرها البارز من فستان اسود ضيق... اعشق الانوثه المنعكسه في التصرفات والملبس ... لا يستهويني الفتاه اللتي ترتدي جينز ولكن فستان !!! انه قمة الانوثه بلا منازع ... والاسود لوني المفضل ... جاء العيد فجأه
نظرت امامي بسرعه حتي لا تلمح بريق الشهوه في عيني ... لكنها باغتتني بسرعه وسالتني ان تستعير قلمي لمليء الاستماره ... ياااااااااااه انه اغلي قلم امتلكته يوما .... وهنا جاء دوري وسارعت للضابط وغادرت ولم التفت اليها لاطلب القلم ... كانت محاوله مصطنعه بعدم الاهتمام لاظهر شابا متزناً .... وجلست في صالة الانتظار في ركن بعيد لاحظي ببعض الهدوء واستمتع بما بقي من عبق رائحتها في صدري .... وبعد مده طويله ظهرت في الافق ... تمشي بخطي ثابته وبصوت منتظم لطرقات كعب دقيق علي ارضيه رخاميه ... قامت اذني بعزل وقع خطواتها عن ضوضاء الصاله والركاب وظل الصوت يتنامي ويعلو حتي احسست ان ايقاع قلبي توحد مع ايقاع خطوتها .
التقت عينانا للحظه ... لم تغيير وجهتها نحوي ولكن استمرت في طريقها لتصل الي مقعد قريب مني .. وضعت حقيبتها بكل هدوء وفتحت جيب جانبي واخرجت القلم .... رقص قلبي طربا واشحت بنظري بسرعه الي الجهه الاخري في انتظار قدومها نحوي ... بالفعل تقدمت نحوي ومدت يدها وشكرتني وبدوري رددت باتسامه بسيطه استمرارا في التجاهل ... انتابني شعور بالراحه للعب دور الفارس النبيل الذي مد يد العون والمساعده دون انتظار مقابل .... استمريت في مراقبتها من بعيد واحسست بوجود بعض النظرات المتبادله بيننا ... وحاولت في التماسك ومقاومة الرغبه في التوجه والحديث معها .
صعدت الي الطائره وقد انتهت حالة النشوه المؤقته بسبب الحسناء .. وقد توقعت انها قطعا من ركاب الدرجه الاولي ولن احظي منها سوي بنظره سريعه ثناء الصعود او الهبوط .... وبداءت حالة الامتعاض والقلق المصاحبه للطيران
لا يوجد اسواء من المقعد الوسطي في اي صف في الدرجه السياحيه علي اي طائره .... فانت محاصر ... وخاصة اذا احتل المقعد المجاور للنافذه احد ابناء الريف  فهو يحتل المقعد والنافذه معا ويحتكر مسند الذراع ويا ويلك اذا شعر بالرغبه في التهام عقلك وفرض حديث معك اثناء الرحله... وقبعت انا في المنتصف منتظرا من يجلس في الكرسي المطل علي الممر وجسدي مثقل بالتعب وعقلي يحاول تنظيم انشطة جسدي المنهك بنما هو لم ينم منذ يومين كاملين فاغمضت عيني واملت راسي للخلف.... وفجاه تسللت رائحتها الي انفي مجددا .... انها تقترب ... اذا هي من ركاب الدرجه السياحيه ... هل يبتسم القدر؟ ... هل اكون انا سعيد الحظ ... هل احظي بجلوسها بجواري 4 ساعات كامله .... قلبي يحاول الخروج من صدري وانا اريد ان اقفز من المقعد .... اشارت بنظره من عينيها انني الفائز ب 4 ساعات من النعيم الدنيوي ... حدثت المعجزه
حاولت الانكماش في مقعدي حتي افسح لها المجال لترتاح اكثر ... متفاديا اسناد ذراعي ناحيتها وبالطبع لم اجروء علي الاقتراب من المسند الاخر مما جعلني متشنج الكتف ضامما ذراعيي الي جسدي لبضع دقائق ... كان الم عقلي المنهار من التعب وقلة النوم والمدفوع بفوران الادرينالين المفاجيء يزداد ... ولكنه ازداد اكثر واكثر في محاولة استحضار سيناريو مناسب لبدء الكلام معها ... لم يكن ابدا سهلا علي ثلاثيني منعزل مثلي ان يستحضر ما يليق في ظل الظروف ... فالبدايه الجيده هي ما يقود للمنشود او كما يقال دائما الانطباعات الاولي تدوم ... الاكيد انها تشعر بتوتري ... الوقت يمر ... اختلست نظره جانبيه ... انها تجلس واضعة قدم فوق الاخري ... انها رشيقه وعلي درجه عاليه من الليونه ... ارتبكت اكثر ... لا يبدو الوقت مناسب فالتوتر لا يفيد وقد اخسر كل شيء ... اشحت بنظري الناحيه الاخري وقد علقت عيني بما تبقي من النافذه ... نظر الي الريفي وبادرني بالحديث عن التاخير الحادث للامتعه وانه من المتوقع ان تتاخر الطائره ... حاولت وئد المحادثه في مهدها واكتفيت بهز راسي ولكنه استمر ... يبدو انه لم يقبل بالهزيمه فحاول التطرق لموضوع اخر ... كان لكلامه مفعول السحر ... فقد ارتخت اعصابي وانتهي توتري بل وارتخت جفوني ... وفجاه .. خيم السكون ... وغصت في نوم عميق.
افقت من غفوتي ... بضعه ثواني كان يحتاجها جسدي وعقلي ... الم فظيع بالرقبه والكتف ... لم انم في حياتي ولا مره اثناء الطيران .... نظرت جواري فوجدت شابا يجلس مكان الحسناء ... هل كنت احلم ؟ ... هل اختلق عقلي الباطن كل هذا ... مازالت رائحتها علي المقعد ... انا لم احلم ولا اهذي ... اذا اين هي؟ ... ومن هو هذا الشاب الذي يجلس مكانها الي جواري ... وباي حق يغتال سعادتي ... وبينما انا غارق في الاسئله وارزخ تحت وطأت الالم نظرت الي الريفي ... كان مبتسما .. ابتسامه غامضه .. قد تفسرها بالسخريه او الشفقه او اللؤم ... ولكنه قطع حيرتي حين قال ... شكلت كنت تعبان قوي يا استاذ .. هززت راسي بالايجاب .. عقب قائلا ده انت كنت بتشخر بصوت عالي لدرجة ان الانسه اللي كانت جنبك طلبت من المضيفه تغير الكرسي والاستاذ ده كان قاعد قدام وجاه جنبك هنا .... هناك فقط كلمة من ثلاث احرف ظلت تتردد في عقلي حتي الان.